إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


           



(تابع) بحث فى أساليب الاعتقال والتحقيق والتعذيب التي تتبعها السلطات الإسرائيلية
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 618 - 623"

مراحل الاعتقال

          تتخذ عملية الاعتقال عدة مراحل منذ اللحظة الأولى التي يلقى فيها القبض على المواطن في أحد الأماكن التي أشرنا اليها، إلى ابعاده للضفة الشرقية من الأردن أو الحكم عليه بالسجن لعدة سنوات في معتقلاتهم. ويجري في المرحلة الأولى المباشرة للاعتقال، التحقيق مع المناضل المعتقل في مركز الشرطة أو في مكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي، وتحاول السلطات الإسرائيلية إرغام المعتقل على الاعتراف بالأسلوب اللين ثم بالتهديد والوعيد. واذا لم يعترف المعتقل يصار إلى المراحل التالية التي تتميز بالانتقال من سجن إلى آخر مع التعرض لأنواع شتى من التعذيب والإذلال في كل حالة.

          ينقل المعتقل من مركز الشرطة إلى سجن المنطقة مثل نابلس لمنطقة محافظة نابلس، وسجن غزة لقطاع غزة، وسجن رام الله لمنطقة رام الله، والمسكوبية لمنطقة القدس وبيت لحم، وهكذا. واذا لم يحصل المحققون على أي اعتراف أو معلومات من المعتقل تقوم السلطات الإسرائيلية بنقله إلى سجن صرفند معصوب العينين وتحت الحراسة الشديدة، ويكون في انتظاره برنامج حافل بشتى ألوان التعذيب لإرغامه على الاعتراف.

          أما اذا تمكن المعتقل من ضبط النفس وعدم الاعتراف أو الإدلاء بأية معلومات قد تساهم في ادانته أو القبض على زملائه أو أفراد أسرته بالرغم من التعذيب الشاق الذي يتعرض له في سجن صرفند، فان عدم اعترافه هذا، يؤدي بالسلطات المحتلة إلى اخراجه من سجن صرفند تحت الحراسة الشديدة إلى سجن المنطقة حيث يتم ايقافه لفترة ما إلى ان يبت في أمره بعد المحاولات الأخيرة لنزع أي اعتراف منه والحصول على معلومات حول نشاط المعتقل، ومن ثم يتم ابعاده إلى الضفة الشرقية أو تشكيل محكمة صورية، بحيث يعلن الحكم عليه بالسجن عدة أشهر أو عدة سنوات بحسب التهمة التي تتفق مع أهواء القضاء والمحققين العسكريين. وفي حالات أخرى، يطلق سراح المعتقل ويبقى تحت المراقبة وتفرض عليه الإقامة الجبرية في منزله.

التحقيق والمحققون

          من يقوم بعملية التحقيق وعددهم ونمط التشكيلات المتنوعة التي تضم الإخصائيين في المجالات المختلفة؟ وما الأسلوب المتبع في التحقيق ومدة التحقيق في كل  جلسة والحالة الجسمية والنفسية التي يكون فيها المناضل العربي المعتقل قبل وأثناء وبعد للتحقيق؟

          لقد جندت السلطات الإسرائيلية فريقا من الخبراء المدنيين والعسكريين من اليهود الشرقيين والغربيين، ويدخل ضمن هؤلاء أفراد حصلوا على التدريب في أوروبا حيث تتبع أحدث الأساليب الجسمية والمعنوية في التعذيب الذي يصل إلى التشويه الجسمي أو احداث الخلل العقلي للأفراد المحقق معهم.

          وقد تبين من الدراسة ان عدد المحققين في كل جلسة يتراوح بين محقق واحد إلى خمسة محققين من ذوي الاختصاصات المختلفة، مثل علماء النفس وعلماء الجريمة، والتحليل النفسي، والخبراء العسكريين والسياسيين، وقد ترددت أسماء بعض المحققين الإسرائيلين بحيث تمكن المعتقلون الذين أجريت معهم الدراسة من معرفة الأسماء الأولى لهم أو ألقابهم وقد وردت الأسماء التالية على سبيل المثال لا الحصر: جولان، ليفي سامي، ابو الشوارب، توفلسكي اسبير ابوزليخه، مردخاي، يعقوب سابير، زكي، هارون، موشيه، شواد، باروخ، هالبورن.

          ويتضح لنا من التدقيق في هذه الأسماء ان أصحابها من الإسرائيلين الشرقيين والغربيين على السواء، وبذلك فإن السلطات الإسرائيلية تستخدم اليهود الشرقيين الذين ترعرعوا في الوسط الثقافي العربي والفوا التقاليد والقيم العربية فعرفوا بالتالي الجوانب المختلفة للشخصية العربية ومقوماتها، وتنعكس هذه الظاهرة في اختيار أساليب التعذيب التي تهز كيان المناضل العربي في الصميم.

          وهناك ملاحظة أخرى تدور حول تقسيم العمل بين المحققين مع المناضل المعتقل، اذ ان تقسيم العمل يبدو واضحا في عملية التحقيق حيث يعمل المحققون بالتناوب فترة زمنية قد تمتد من ثلاث إلى أربع ساعات متتالية، يتخللها الضرب والتعذيب الجسماني أو تخدير المعتقل بواسطة الشراب أو التطعيم بأمصال لها تأثيرها على فقدان الذاكرة. ويستهدف المحققون بإطالة فترة التعذيب وتنويعه ارهاق المعتقل جسميا وعقليا.

          ويتراوح معدل عدد الجلسات الخاصة بالتحقيق ما بين عشر وخمسة عشر جلسة للمعتقل الواحد طوال فترة الإعتقال، وقد يقضى المعتقل عدة أسبايع في السجن دون ان يطلب مرة واحدة للتحقيق.

وهناك حالات يخضع المعتقل فيها لعدة جلسات من التحقيق والتعذيب خلال أيام قليلة. هذا وتتكرر جلسات التحقيق والتعذيب في حالة اعادة اعتقال المواطن العربي للمرة الثانية أو الثالثة قبل ابعاده نهائيا خارج الضفة الغربية أو قطاع غزة.

          وبالإضافة إلى المحققين، يقف حول المعتقل عدد من الأشخاص على أهبة الاستعداد للحراسة والتعذيب الجسماني اذا رأى المحققون ضرورة مثل هذا الإجراء.

          ونستنتج من هذا كله ان عملية التحقيق تتم بالتعاون مع

<2>