إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



تصريح لمصدر مسؤول في بغداد حول رسالة الرئيس جمال عبد الناصر إلى الرئيس العراقي أحمد حسن البكر
المصدر: "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6، ص 635 - 638"

تصريح لمصدر مسؤول في بغداد حول رسالة الرئيس جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة، إلى الرئيس أحمد حسن البكر، رئيس الجمهورية العراقية.

بغداد، 4/8/1970

 

(وكالة الانباء العراقية، العدد رقم 164، مكتب بيروت، بيروت، 5/8/1970)

          اذاع راديو القاهرة نص رسالة السيد الرئيس جمال عبد الناصر إلى السيد الرئيس أحمد حسن البكر خلافا لكل الأصول والأعراف والاعتبارات الدبلوماسية. ويبدو مع الأسف ان رسالة الرئيس عبد الناصر قد كتبت لكي تذاع، اذ يدل عليها ما في سطورها من تحامل على الثورة في العراق ومن محاولات للتشكيك بدور الجيش العراقي البطل في الجبهة الشرقية. واحتراما للسيد الرئيس المصري، ولكي لا ينزلق في الخطأ أكثر، وتنويرا للرأي العام العربي نناقش رسالته.

          ذكر الرئيس عبد الناصر في رسالته ان التحرك الذي تمثله المبادرة الأميركية بدأ بسبب عوامل سياسية وعسكرية ودولية خلقت أوضاعا جديدة في الأزمة وانه كان من المناسب حسب رأى الرئيس عبد الناصر استغلالها لتوجيه أكبر قدر ممكن من الضغط المركز على العدو.

          وقد تناسى سيادته ان مصير الأمة العربية، وبالأخص شعب فلسطين، لا يمكن ولا يجوز ان يميع ويباع في سوق المساومات السياسية والعسكرية الدولية، وان دور الجماهير العربية التي هي وحدها صاحبة الحق في البت بمصيرها هو الذي يقدر ماهية العوامل السياسية والعسكرية الدولية والتعرف بوحي من ضميرها ووجودها ومصيرها في معالجة هذه العوامل.

          اننا يجب ان نتحرك بوحي من فكر ثوري وإيمان بمبادئ لا ان نخضع لمجرد ان هناك عوامل سياسية وعسكرية دولية تفرض علينا الخضوع والاستسلام.

          انه لمن سوء طالع السيد الرئيس عبد الناصر ان تتكرر العوامل السياسية والعسكرية الدولية هذه مرتين، الأولى يوم 4 حزيران (يونيو) 1967 قبل الهجوم الإسرائيلي يوم اضطرت الزعيم المصري إلى إيقاف المبادرة بالهجوم استجابة لنصيحة أميركا وآخرين استنادا إلى اقواله، والثانية قبل أيام حينما اضطر سيادته أيضا إلى الاستجابة لمشروع روجرز الأميركي فوضع شرف الأمة العربية في اسوأ مقام.

          وذكر الرئيس عبد الناصر في رسالته بانه لم يتشاور مع الرئيس أحمد حسن البكر في هذا لان هدفه كان ابقاء تحركه إلى آخر لحظة. ويفهم من هذا الأمر ان سيادته اراد ان يفاجئ العرب واعداءهم في وقت واحد، وانه اراد ان يضع العرب واعداءهم على صعيد واحد، ولا ندري كيف يبيح الرئيس عبد الناصر لنفسه ان يتصرف بمفرده بمصير الأمة العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة ويؤدي بهما إلى الهاوية مرتين أيضا دون التشاور مع ممثلي الأمة العربية وحكوماتها، وهو سلوك طالما ادانته الأمة العربية بسبب ما جر عليها من صعاب وويلات وهزائم. وكنا نأمل ان تكون النكسة عام 1967 درسا بليغا تحدث تبدلا في هذه الذهنية والسلوك الفردي العجيب.

          وذكر الرئيس المصري ان ما تحدثنا فيه خلال اجتماعنا في طرابلس كان بالغ الأهمية ولكن التجارب علمتنا ان العبرة ليست بما يقال في المحافل، وان الأمر العجيب في هذا المنطق ان الرئيس المصري يحاول التهرب من الموضوع الخطير الذي طرحه المشروع العراقي - الليبي، والذي كان يحمي مصير الأمة العربية ويضع حدا لاحتلال العدو لفلسطين.

          والأغرب من ذلك ان الرئيس المصري لا يرى شيئا يمكن ان تكون فيه عبرة الا اذا قرره هو، ونحن نرى ان العبرة ليس بما يقال تماما كما ذكر عبد الناصر فقد علمنا عبد الناصر ان يقول، ويتصرف عكس ما يقول وتكون النتيجة وبالا على الأمة العربية عامة والشعب العربي في مصر خاصة.

          وعلى ضوء الأسباب المؤلمة لنكسة 5 حزيران (يونيو) واستفادة من عبرها حدد المشروع العراقي - الليبي بوضوح لا لبس فيه قومية المعركة ووحدة ميدان القتال والمسؤولية المشتركة للأمة العربية في خوضها بوحي من شجاعة المقاتل المقدام لا بوحي من ذهنية من يريد الاستسلام وقد عارض الرئيس عبد الناصر المشروع ورفضه جملة وتفصيلا وأمام جميع من حضر المؤتمر.

          وكنا قد اشترطنا في صلب الموضوع حضور الجزائر وليبيا للنقاش ليكونا حكمين، اذ كثيرا ما سمعنا اتهاما للعراق بعدم الوفاء بالتزاماته فكنا نعجب لهذا الاتهام الظالم، ولكنه تبين أخيرا انه يراد باتهام العراق تبرير الهزيمة، والاستسلام حتى جاءنا السيد الرئيس القذافي فرأى ولمس لمس اليد تعداد الجيش العراقي وأماكن

<1>