إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



رسالة الملك حسين إلى الرئيس جمال عبد الناصر حول حوادث الأردن
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 6 ، ص 787 - 788 "

رسالة الملك حسين إلى الرئيس جمال عبد الناصر حول
حوادث الأردن.

عمان، 19 / 9 / 1970

 

( النهار، بيروت، 21 / 9 / 1970 )

          بسم الله الرحمن الرحيم.

          سيادة الأخ الكبير والأعز الرئيس جمال عبد الناصر حفظه الله.

          تحية الاخوة والعروبة الصادقة وبعد. اشكر لسيادتكم رسالتكم الاخوية التي حملت منكم ما كنت أتوقعه دوما من رفيق السلاح والكفاح مثلما كنت اتوقعه من اخوتي القادة العرب الكرام.

          وليست مبادرتكم الفورية بايفاد الاخ الفريق محمد صادق رئيس هيئة اركان حرب القوات المسلحة العربية الينا الا تعبيرا صادقا عما عرفته دوما من ايمان أخي بوحدة امته وقضاياها ومصيرها واستعداده للتضحية بكل ما يستطيع في سبيل صون تلك الوحدة وتصحيح مضمونها وتعزيز المسيرة العربية المشتركة على طريق النصر والتحرير.

          ان انفجار الاحداث في الاردن على الصورة الاخيرة المؤسفة التي وقعت لم يكن محض صدفة ولا هو بالامر الذي كان فيه خيار أو تدبير بل على العكس من ذلك فلقد كانت الذروة التي بلغتها مؤامرة كبرى استهدفت البلد برمته بشعبه وجيشه على حد سواء.

          واذا كان الشعب الاردني قدم من التضحيات على طريق النضال العربي الطويل ما يشهد به القريب والبعيد فان جيش ذلك الشعب قدم من الفداء وقوافل الشهداء ما يعرفه الاخ والصديق والعدو سواء بسواء، وهو هو الجيش الذي اندفع الى جانب جيش الجمهورية العربية المتحدة البطل بقيادتكم ومن غير تردد ولا ابطاء فخاض المعركة عام 1967 على اطول خط للمواجهة مع العدو المشترك.

          ومنذ امد ليس بالقصير اصبح الشعب الاردني الصامد المؤمن هدفا لعملية تفسيخ آثمة مدروسة تفرق بين صفوف ابنائه وتبدد طاقاته وتعرض أمنه وطمأنينته وكرامات مواطنيه للهدر والضياع.

          ولقد جاءت حقبة طويلة من الزمن لم يكن المواطن من ابنائنا في هذا البلد امينا على حياته وحياة اطفاله ولا على رزقه وممتلكاته ولا على صون أبسط قدر من الكرامة له في هذه الحياة.

          واصبح الجيش وهو بعض العدة العربية والقوة المشتركة في معركة المصير يتلقى الطعنات من الخلف في الوقت الذي كان كل دوره أن يقف في وجه سيول الاعتداءات المتلاحقة من امامه، فتقطعت خطوط مواصلاته وفتشت ونسفت منازل ضباطه واعتدي على عائلات قادته وجنوده وامتدت يد الشر لتصل الى كرامات هؤلاء الضباط والجنود وشرفهم الاصيل.

          ولطالما حذرت من كل ذلك ونبهت اليه. ولطالما فتحت قلبي لسيادة أخي وكشفت له عن مخاوفي وانا أشهد تحرك المؤامرة وانتقالها من مرحلة الى مرحلة ومن طور الى طور.

          ويعلم الله ان الدور الذي قام به الجيش في الايام الاخيرة فرض عليه وعلينا ارادتنا. فرضته المؤامرة والمتآمرون بعدما بلغت الامور حدا بات معه وجود هذا الجيش العزيز عليك وهذا البلد الحبيب الى قلبك في مهب الريح.

          ويكفي ان اشير هنا الى ان الجيش الاردني صاحب السجل الابيض الناصع في حرب فلسطين قد اصبح اليوم هدفا للاعتداء عليه حتى من بعض الجهات التي لم تحضر حرب فلسطين ولا عرفتها بل كانت هي التي جرتكم وجرتنا جميعا الى المعركة ثم سلمت ارضها الى العدو من غير حرب ولا من يحزنون.

          لقد خطط العدو يا سيادة الاخ لدمار بلدنا وأمتنا، وانت في موقعك النضالي الكبير وسط أمتك حريص على عمان حرصك على القاهرة، مثلما انت حريص على الانسان العربي الاردني مدنيا كان ام عسكريا كحرصك على الانسان العربي المصري في صفوف الشعب وفي صفوف القوات المسلحة كذلك.

          وليست الفجيعة ان نرى العدو يخطط ويرسم ويطمح ولكن الفجيعة ان نرى داخل اسوارنا وفي بلدنا وفي العالم العربي الكبير من يعين العدو على تنفيذ ما يخطط له وتحقيق ما يرسم ويطمع فيه.

          ولقد عرفت بنفسك يا سيادة الاخ بخبراتك الطولية وتجاربك المريرة أن هذا وحده هو الذي يعصر القلب ويفطر الفؤاد.

          ان صوت اخي دخل الى اعمق الاعماق من قلبي ونداءه الباسل الشريف ملأ على سمعي وحواسي جميعها. فانا اذ اعلن ان اخي لا يقول ولا يفعل الا بوحي من ضميره وشرفه وصادق عروبته مؤمن بان مسيرتي معكم مستمرة الى ان يتحقق لنا بلوغ اهداف امتنا وأمانيها.


<1>