إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) بيان الشيخ بيار الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، أمام المؤتمر العام السابع عشر للحزب فى 27 سبتمبر 1974
جريدة " النهار "، العدد الصادر في 28 سبتمبر 1974، ص 3 - 4 .

اختلافا يتطور، لا سمح الله، إلى اصطدام وتصفية متبادلة! إنه ( الحل ) الأمثل الذي تبحث عنه إسرائيل، وأقل ( الحلول ) كلفة ومشقة بالنسبة إليها!!! ومن يدري، إذا لم تكن السياسات الدولية تنظر عند الضرورة بعين الرضى إلى ( حل ) كهذا يأتيها عفواً، فترتاح !! فعند تعذر التوفيق بين سلامة إسرائيل من جهة والتسوية السياسية من جهة ثانية، تصبح التضحية بلبنان ومن فيه مخرجاً ( معقولاً ).

         إزاء احتمال كهذا، تكون سلامتنا المشتركة موقوفة على إرادتنا المشتركة واتحادنا، لبنانيين وفلسطينيين. إنها حقيقة واضحة كالشمس فى رابعة النهار. أليس غريباً، في هذه الحال، ألا تكون العلاقة اللبنانية - الفلسطينية دائما، كما تقضي الحقيقة هذه، فلا يعتورها أي سوء تفاهم أو توتر أو اضطراب؟! أم أن المصيرين يتشابكان هكذا، نكثر الضغوط على الشعبين، والمكائد أيضا والمؤامرات؟! الأرجح أن أخطاءنا هي السبب، والمنافذ التي نتركها نحن بالذات، لبنانيين وفلسطينيين، أمام الكيد والتآمر والاستغلال. وأول خطأ كان من اعتبار الكلام على الأخطاء مذمة ودليل عداء! هكذا منذ بداية الثورة والعمل الفدائي. فاعتراضنا، مثلا، على بعض الممارسات كان يفسر دائما اعتراضا على الثورة نفسها، وأحيانا على القضية الفلسطينية بالذات. والغريب هنا أن كل مأخذنا تقريباً، كانت مصيبة بشهادة الثورة نفسها ولو أنها شهادة متأخرة فالظهور فى الملابس المرقطة بالسلاح وإقامة الحواجز في الطرق و( العراضات ) النارية في الشوارع والأماكن الآهلة، وما إليها من ممارسات كنا نعترض عليها منعتها الثورة وحدت كثيرا من مثيلاتها. ناهيك بالعمل الفدائي نفسه، الذي بدأ يستعيد سريته ويرتد إلى أصالته وأصوله وينتقل إلى داخلى إسرائيل تماما كما كنا نقول بدلا من أن يظل عملا استعراضيا على تخومها. فلو أصغت الثورة إلينا منذ البداية، لكنا وفرنا على أنفسنا وعليها، تلك السلسلة الطويلة من الحوادث والاضطرابات والاشتباكات التي تحصد ثمارها المرة الآن، ولكانت الممارسة قد استقامت منذ البداية وكانت الأذية لإسرائيل أكبر! نذكر هذه الوقائع كي لا نستمر في الخطأ، ولا تظل انتقاداتنا وملاحظاتنا ومواقفنا تفسر بالمقياس القديم ذاته. فلا غنى للثورة عمن يراقبها ويكشف عن عيوبها وأخطائها.

         وفي مطلق الأحوال، إن لم تكن ملاحظاتنا مصيبة دائما، فمن المؤكد أنها دائما مخلصة، فليسمح لنا بأن نمارس حقا هو فى الوقت عينه واجب من واجباتنا نحو القضية وثورتها. فى اعتقادنا أن أحوالنا، وأحوال الثورة الفلسطينية، تحمل غير سبب من أسباب التصادم والفتنة. أولها وأهمها أن الدولة قد أضحت أضعف فريق على أرضنا، فيما المصلحة المشتركة تقضى بأن تكون أقوى الأقوياء. فإذا وقع حادث أو اختلاف أو اصطدام، تجد نفسها عاجزة عن التدخل وحسم الأمر قبل أن يتفاقم ويستفحل ويشتد ويستحيل فتنة. وأكثر من هذا، إنها عاجزة ايضا عن تلافى حوادث الإخلال بالأمن، أمن الثورة وأمن لبنان. فإذا المهمة، مهمة الدولة، الأساسية موزعة هنا وهناك. وإذا الأمن والسلامة، وما إليها، موقفان على الأفرقاء الذين يتقاسمون المهمة من دون أي تكليف وهيهات أن يكون الجميع يمارسونها بالشعور ذاته بالمسئؤولية والإخلاص ذاته الذي يفترضه واقع الدولة وأحوال البلاد. طبعا، ليس الوقت وقت الكلام على ما أوصل الدولة إلى هذه الحال. فهى منقوصة العافية قبل أن تأتى الثورة الفلسطينية وتصبح فريقا آخر على أرضنا. ولكن بدلا من أن تكون هذه عضدا للدولة وعونا لها، وجدت نفسها منذ البداية فى نزاع معها وصراع فكان من الطبيعى أن تطلب الغلبة لها دائما والهزيمة للدولة! وكان من الطبيعي أيضا أن نبدأ نحن اللبنانيين، كأفراد، نعنى بسلامتنا فى صورة مباشرة، بعدما بدأ النزاع يقلل من حجم الدولة ودورها وفعلها فى البلاد. ولم تدرك

<10>