إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) بيان الشيخ بيار الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، أمام المؤتمر العام السابع عشر للحزب فى 27 سبتمبر 1974
جريدة " النهار "، العدد الصادر في 28 سبتمبر 1974، ص 3 - 4 .

غرباء عن التقرير. وإذا كانت الثورة تحاذر الوقوع تحت اية وصاية عليها، فنحن فى الحرص نفسه، أن لم يكن أكثر، المطلوب إذا هو تعاون بين فريقين متساويين، بين أخوين ولا نطلب أكثر.

         نظرتنا إلى القضايا

         أيها الرفاق،
         قد يبدو ما قلته ثقيلاً على الآذان، فالأخوان فى المقاومة الفلسطينية يأخذون على دائما هذه النبرة، وكثرة الكلام على الأخطاء. يريدون مني ومن الكتائب كلاماً آخر، أقل قسوة، وأكثر لطافة. ويفضلون ربما لو أكون كما سواي متسابقا على الإشادة بالثورة وتعظيمها وتبجيلها والتستير على أخطائها فلا أقول إلا الكلمة الحلوة التي يغلب الثناء على الاعتراض، وتكون العصبية فيها أقل لبنانية بقليل! فى ودي، لهذه المناسبة، أن أرد على هذه الملاحظات، ليس من قبيل دفع اللوم عني والعتب، بل لأنها تتصل مباشرة بإيماني ومعتقداتي، لبنانيا وفلسطينيا عربياً.

         الحقيقة إنني أرى الأمور كما لا يراها الآخرون، وخلافا لما يصورها أبطال المزايدات. انظر إلى مسائل العروبة والمقاومة والثورة والقضية الفلسطينية من زاوية لبنانية، من خلال مفهومنا للبنان ومركزه وطبيعته ورسالته. وفوق ذلك، إنا من الذين لا يحسنون التظاهر بعكس ما يضمرون. لا أحسن الغش، فلا يطلب مني ما يتنافى مع طبيعتي وإيماني، فهل ما يصدر عني، فى هذه الحال، دليل عداء، أو نقص في الإيمان بفلسطين وعدالة قضيتها، ونقص فى المحبة لأبنائها وثوارها؟ العكس هو الصحيح. فصديقك من صدقك. وأنا، فى أي حال، أعتبر نفسي أقرب الناس إلى خط الثورة الفلسطينية وأهدافها. وثمة من بدأ يأخذ على التطرف ويضعنى في مصاف ( جماعة الرفض )! لأنني لا أؤمن بأي حل للمسألة الفلسطينية إلا الحل الذي يكفل عودة ابن الجليل إلى الجليل، وابن حيفا إلى حيفا، وابن القدس إلى القدس. والمسالة عندي ليست أن تكون للفلسطينيين دولة، في أي مكان كان، بل ان يكون لهم الوطن الذي افتقدوه، واقتلعوا منه عنوة، وحرموا حق الانتماء إليه، بحجة أنه كان يوما وطن اليهود ودولة إسرائيل!

         هذا هو إيماننا ومعتقدنا، رفاقى وأنا، ربما لأننا على هذا المعتقد، وربما لأننا ننظر إلى الأمر بعقائدنا، نقسوا أحيانا في الكلام ونفرط في الصراحة. وربما أيضاً لأننا لا نفرق بين لبنان وفلسطين، ونخشى، بالتالى، ألا يظل لبنان يطرح نفسه مقياساً للحل الجذري الذي ينقذ فلسطين وينقذ السلام فى المنطقة.

         أجل، نحن ننظر إلى فلسطين من خلال لبنان، ونتصورها على قياسه. من أجلها، من أجل السلام الحقيقى، ومن أجل لبنان والعرب جميعاً ومن أجل اليهود أيضاً، ما دامت دولة إسرائيل شراً عليهم كما هى شر على سواهم! ولأننا أيضا لا نريد إغراء جديدا للأوطان العرقية أو الدينية في الشرق، بل نريد أن يظل لبنان هو الصيغة التي تغري، وأن يكون أبدا الشهادة التي تنقض شهادة إسرائيل وتثبت بطلانها.

         هذا لا يعني إننا نعترض على المفاوضات السلمية والتسويات السياسية، إذا رأى العرب والفلسطينيون فيها بداية فرج وخلاص. بل نفهم جيدا ماهية الكلام على الكيان الوطني الفلسطيني، واتفاقات الفصل بين القوات وما إليها، إن منطق الصراع يوحي بذلك، وميزان القوى أيضا، ناهيك بالقدرات العربية والفلسطينية التي لا تستطيع أن تبني، في خلال سنة، ما تهدم على مدى قرن كامل! كل هذا واضح ومفهوم.

<12>