إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


       



من صولات وضباط صف الجيش
إلى مولانا قائد الجيش الأعلىا

مولانا

منذ نيف وخمسين عاماً أو تزيد اندلعت لهيب الثورة السودانية بزعامة المهدي. وجردت الحكومة المصرية جيشا لخوض غمارها فبرز من بين الصفوف ضباط صف امتازوا بالبسالة والشجاعة والإقدام فنالوا إعجاب قوادهم ورقي الكثير منهم إلى رتب الضباط تقديراً لهم وتشجيعا لغيرهم حتى وصل بعضهم رتبة الأميرالاي. وسار الجيش بعد ذلك على هذا النظام إلى أن جاء عام 1924 وصدرت الأوامر بسحب الجيش من السودان ومعه جميع الضباط الذين كانوا بالوحدات السودانية فزاد بذلك عدد الضباط بالنسبة لعدد الجيش ونقل الكثير منهم إلى البوليس ومصلحة السجون وغيرها واكتُفي بالعدد الذي تخرجه الكلية الحربية. ثم نكبت مصر في سنة 1930 بوزارة صدقي باشا فأصدرت القانون بمرسوم 60 سنة 1930 الذي كان يقضي بتسريح صولات الجيش بمجرد أن يتم الصول عشر سنوات خدمة وهي الرتبة التي يصل إليها الجندي بعد أن استبعدت فكرة الترقي إلى رتبة الضباط. ثم جاءت بعد ذلك الحرب الأخيرة فزاد عدد الجيش واقتضت حاجة الجيش إلى استبقاء الصولات وكذلك بعض ضباط الصف الأكفاء للانتفاع بمواهبهم الفنية في العلوم العسكرية والأعمال الإدارية فقاموا بكل ما كان يوكل إليهم من أعمال خير قيام طوال مدة الحرب وبعدها حتى الآن.

مولانا

لقد شهدت بكفاءتنا الحربية أعظم قواد الجيوش الأجنبية كما شهد لنا كبار قواد الجيش كتابة وفي الأوراق الرسمية. وقد انتهت الحرب وتغيرت معالم الدول. وحالتنا من أسوأ ما يكون بل ونزلت بنا إلى الحضيض من جميع الوجوه ولم يزد علينا اللهم إلا الفقر والعري والجوع.

مولانا

لقد أفنينا شبابنا ووهبنا الوطن أرواحنا. وتجاوز الكثير منا سن الأربعين منها عشرون سنة في الخدمة ومنها سبعة عشر عاماً في رتبة الصول. والغريب أن النظام الحاضر يقضي بأن يستمر الصول في الخدمة إلى سن الخامسة والخمسين، ومعنى هذا أن يقضي الواحد منا حياته صولا ويموت صولا فهل هناك أغرب وأعجب من هذا في بلد تتزعم أمم الشرق.


ا أوراق اللواء مصطفى عبد المجيد نصير، من الضباط الأحرار، أحد منشورات "صولات وضباط صف الجيش" موجهه إلى الملك فاروق.

<1>