إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



(تابع) خطاب الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة في أبناء فلسطين بمنطقة أريحا
"الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1965، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 1، ص 78 - 82"

وسطوتها واستعمارها وكلما خطونا خطوة الى الامام ضيقنا الخناق على الاستعمار بالمظاهرات والمقاومة المسلحة وغيرها من الوسائل التي تضطره لقبول الخطوة الموالية باعتبارها ايضا اخف الضررين وهكذا الى ان وجدت فرنسا نفسها في اخر معركة اعني معركة بنزرت حيث لم تجد بدا من الاندحار. اما هنا فقد ابى العرب الحل المنقوص ورفضوا التقسيم وما جاء به الكتاب الابيض ثم اصابهم الندم واخذوا يرددون: ليتنا قبلنا ذلك الحل، اذن لكنا في حالة افضل من التي نحن عليها.
         ولو رفضنا في تونس عام 1954 الحكم الذاتي باعتباره حلا منقوصا لبقيت البلاد التونسية الى يومنا هذا تحت الحكم الفرنسي المباشر ولظلت مستعمرة تحكمها باريس وهكذا فالمهم ان تكون للقيادة حرية اختيار السبل وحرية التصرف لكن مع الصدق والاخلاص والنزاهة والتفاني والحكمة حتى تكون كل مرحلة تمهيدا لما بعدها من مراحل وهذا ما اردت ان اقوله لكم بصفتي اخ له تجربة في الكفاح اكثر منكم ولا سيما في الكفاح ضد الاستعمار وهذا ما غرسته في قلوب التونسيين حتى صاروا يتبعون كل الخطط التي نرسمها وقد تضايقهم بعض هذه الخطط احيانا ولكنهم يقبلون على تجربتها ذلك لانهم جربوني في الماضي وكانت النتيجة والحمد لله ما ترونه فقد اصبحنا احرارا في بلادنا اسيادا في وطننا.
        هذا ما احببت ان اقوله لكم في هذه الزيارة التي سيتذكرها دائما هذا الرجل المتواضع اخوكم الحبيب بورقيبة، وهذه هي نصيحتي التي اقدمها لكم ولكل العرب حتى تضعوا في الميزان لا العاطفة والحماس فقط بل وكذلك جميع معطيات القضية بناء على ما قاله لكم رجل نزيه لا تشكون في صدقه واخلاصه وتفانيه وهكذا نصل الى الهدف ونبقى سبعة عشر سنة اخرى أو عشرين سنة نردد (الوطن السليب .. الوطن السليب ..) دون جدوى. إنا اذا اقتصرنا على العاطفة سنظل على هذه الحال مئات السنين. هذا ما انبهكم اليه واعتقد انه يجب ان يبرز من صفوف العرب رجال لهم الشجاعة الكافية على مصارحة الشعب ومواصلة الكفاح بجميع منعرجاته واطواره وحيله وكره وفره حتى نضمن لا لأنفسنا فقط، بل وللاجيال التي من بعدنا النصر الكامل واسترجاع الحق السليب.
        هذا ما اردت ان اقوله لكم في هذه الزيارة واطلب منكم امعان النظر فيه ولا شك في ان كل واحد لا بد ان يحاسبه الله وضميره على ما يعمل وما ينوي وانما الاعمال بالنيات واخيرا أدعو لكم بالتوفيق وسعة الصبر حتى نوفر اسباب النجاح، وأدعو للمسلمين بالتكتل وللقيادة بالانسجام والابتعاد عن المركبات سواء كانت مركبات للنقص ازاء العدو باعتباره في منتهى القوة أو مركبات الغرور والتهور والارتماء على الهزيمة المحققة التي يمكن تلافيها بامعان النظر وهكذا نضمن النجاح ولله العزة ولرسوله والمؤمنين والسلام عليكم ورحمة الله


<4>