إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



ولماذا، وكيف تتحالف الإدارات الأمريكية مع من تحالفت معه؛ لتقتل، وتجوّع شعب العراق، وتدمر مرتكزاته الحضارية، بل وحتى آثاره الحضارية!؟ وعلى هذا يمكن القول كيف أن كل مرحلة زمنية من مراحل بغداد، بعد التدهور والجمود، الذي حلّ بها، بل وكل أمتنا العربية والإسلامية، بوجه عام، مع استثناءات نسبية معروفة، تبدو، كأنها تجمدت لتكون ذات التي سبقتها، في كل شؤون الحياة، ولكل ميادينها، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية آنذاك، لأن التطور، على مدى ما يقرب من ثمانية قرون، قد توقف، بل وتراجع، من جهة أخرى، تراجعاً مستمراً؛ لأن الأجنبي العثماني، كان في حقيقته، ورغم ادعائه بأنه يحكم باسم الإسلام، يدير الحكم وفق نظرة ضيقة، تتصل بتراث وهواجس وتمنيات أمته وشعبه فحسب، وأهمل الأمة العربية كمعان، وحاملي سيف وراية، وكادر قيادي عظيم للإيمان وراياته، وللبناء والمعاني العالية الأخرى، وكمرجع أصيل لتفسير مبادئ الإسلام وما يتصل بها، وإسداء النصائح باختيار الطريق، أو الطرق المناسبة، وأهمل تاريخ الدولة الإسلامية ونماذجها العظيمة، وإذا أراد أن يشير إلى جانب من تراثها، كان يتعامل تعاملاً مجتزأ، وانتقائياً، وشكلياً أيضاً، مع ذلك التراث، وعلى أساس هوى الحاكم بهذا الوصف، وليس المسؤول المؤمن ذي الأفق الواسع، والبحر الزاخر من عمق الانتماء المصيري، وعمق التراث والمبادئ العظيمة؛ ولذلك لم يتفاعل الشعب والأمة مع الحاكم العثماني، وبقي معزولاً عن الشعب في رأيه وموقفه وقراره، وبقي موقف الشعب ورأيه، وما يتمنى أن يكون بعيداً عن الفعل، ومجرد تمنيات نظرية فحسب، وقد حدث كل هذا، بعد أن انعدمت أو ابتعدت خواص الحاكم عن التفاعل مع الشعب، بل وانقطع التاريخ أو تجمد في أحسن وصف له، وكأن آخر حلقة فيه، قبل سقوط الحكم العثماني، تنطبق في أحسن وصف لها على آخر حلقة سبقت، بيوم واحد، حكم العثمانيين لبغداد، وبالتالي لكل الدول الإسلامية بوجه عام.. ومن هذا أيضاً، ومن مستوى نوع المعاني العالية، التي تختزنها بغداد، والقدرة، التي يمكنها، بشروط معروفة، أن تكون مبصرة، نفسر كيف لم تكن الشمس تطلع على أهل بغداد وغيرهم، على عهد الدولة، التي حكمها العثمانيون باسم الإسلام، عندما غابت عين بغداد، وكيف يشرق الضياء على جبين كثر من أبناء المجتمع الإسلامي، وكل أبناء العروبة، أصحاب السيف والقلم والراية والمبادئ العظيمة، عندما يشرق النور من عيون بغداد التاريخ والمجد.

          أيها الاخوة..

          إننا عندما نحتفي ونحتفل بيوم النصر العظيم، في 8/8/1988، فليس لأننا نقصد تأكيد قيمة، ومعاني البطولة المتصلة بجذرها الأصيل، وقاعدة إيمانها عميقة الجذور، والمعاني لأمة كانت على الدوام مجاهداً، وحامل راية مؤمناً للرحمن الرحيم، وأميناً على قيمة

<12>