إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) نص خطاب الملك حسين، العاهل الأردني، الذي وجهه إلى الأمة حول علاقة الأردن بالقضية الفلسطينية
المصدر: " يوميات ووثائق الوحدة العربية 1986، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 1، 1987، 459 - 479 "

فلو كانت إسرائيل موجودة قبل ذلك، لما كان عليها أن  تخوض معركة التعايش مع جيرانها. فالتعايش في مثل هذه  الحالة، وبخاصة مع جيران عانوا مثلها من الاستعمار،  سيكون قائماً وحياً. ولكن إسرائيل زرعت في أرض عربية  اقتطعت من العرب في وقت كان العرب فيه يناضلون من  أجل حريتهم واستقلالهم ووحدة أراضيهم، ومن هنا  نشأت المشكلة، مشكلة قبول إسرائيل في الجسم العربي  الأكبر، ومن ثم مشكلة التعايش معها. وأدركت إسرائيل  ذلك، فعمدت إلى فرض نفسها عن طريق القوة. ودخلت  بسبب هذه السياسة حلقة مفرغة، فكلما استخدمت القوة  لفرض نفسها، كلما زاد قلق العرب من حولها وزاد  رفضهم لها. وكلما أحست إسرائيل برفض العرب، كلما  زادت مخاوفها على أرضية وعيها لحداثة نشوئها المفروض في  قلب المحيط العربي الواسع، وزاد معها حسها بالحاجة  الأمنية. ولو كانت الحاجة الأمنية التي تتحدث عنها  إسرائيل متعلقة باعتبارات عسكرية، لكان العرب من  حولها أولى في التشديد على الضمانات الأمنية لدى حديثهم  عن السلام نظراً لترسانة الأسلحة المتطورة الضخمة التي  تمتلكها، ونظراً لتحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة  الأمريكية.

          ولقد تأكدت هذه الحقيقة بعد عدوان 1967 حينما قبل  العرب المجاورون لإسرائيل بوجودها بقبولهم لقراري 242  لعام 1967 و338 عام 1973، فبدل ان تتجاوب  إسرائيل مع هذا التنازل الكبير سعت إلى المماطلة  والتسويف وكسب الوقت لتغيير الحقائق على الأرض المحتلة تمهيداً لضمها.

          وظلت القيادة الإسرائيلية متمسكة بزعمها بأنها غير  مقتنعة بالتطمينات العربية المتعلقة بحدودها، والمستقاة من  قبولهم للقرارات الدولية المتصلة بالنزاع العربي - الإسرائيلي  ومن استعدادهم للتصول إلى سلام عادل دائم شامل  معها. وتواصل إسرائيل اليوم تمسكها بمفهومها الأمني  البديل، والقائم على توسيع رقعة إسرائيل وبناء قوتها  العسكرية لفرض نفسها بالقوة.

          ولكن إسرائيل التي تدعي عدم اقتناعها بالتطمينات  العربية الأمنية، تصر في نفس الوقت على عدم الاقتناع  بشرعية الحقوق الوطنية الفلسطينية والاعتراف بها.  

          وعلى صعيد توسيع الرقعة، كان على إسرائيل ان تواجه  مشكلتين: -

          أولاهما: ادامة الاحتلال لاستيعاب الأرض وهضمها

<5>