إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

           



( تابع ) نص خطاب الملك حسين، العاهل الأردني، الذي وجهه إلى الأمة حول علاقة الأردن بالقضية الفلسطينية
المصدر: " يوميات ووثائق الوحدة العربية 1986، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 1، 1987، 459 - 479 "

          فماذا نفعل من أجله، وهو الذي ما زال رغم كل  صنوف الضغط المنظم لاقتلاعه يزرع الأرض شجراً  ومحاصيل وبنين؟ وما الذي نقدمه له، وهو همنا الأول ان  كنا صادقين؟ وبماذا نقابله وهو الذي يؤكد بثباته الرائع  يوماً بعد يوم وعاماً اثر عام، مقولة مضطهد على أرضه  يقاوم، خير من مشرد يتوعد ويزايد، وبماذا ندعمه وهو  الذي ما زال بوجوده المميز على أرضه، يمنح قضيته  حيويتها وعدالتها؟

          ما الذي نفعله للقدس والمقدسات التي نتباكى عليها  ليل نهار، وفي كل مناسبة وعيد؟، وهل ينقذها الحيز الذي  تحظى به في أدعيتا وابتهالاتنا؟، وهل يحميها من الخطر  الداهم التغني بتاريخها ومعمارها؟، بل ما الذي نقدمه  للقدس وللمسجد، وللأرض وللشعب غير دراهم معدودة  تتناقص مع كل عام، وشعارات رنانة براقة بعد كل مؤتمر  واجتماع، وعبارات محكمة طنانة في كل تصريح وبيان،  وخلاصة المجادلات والمهاترات بين المجموعات المتنازعة،  ورسائل اليأس الصادرة عن التمزق العربي؟

          - أتساءل ولعلكم تتساءلون معي: -

          ترى، أين كان يمكن ان تكون القضية الفلسطينية،  وماذا كان سيحدث للشعب الفلسطيني في الأرض  المحتلة، لو أننا في الأردن اتبعنا سياسة المقاطعة والقطيعة  معهم، وتخلينا عن التزاماتنا نحو مؤسساتهم وأشخاصهم؟  وأقمنا السدود في وجه سلعهم ومنتجاتهم؟ وترى، ماذا  سيحل بنا وبهم لو تنحينا عن مسار الزمن واخترنا ان  نجمد أنفسنا في دائرة الإعلان عن المواقف والتغني  بالشعارات؟.

          أيها الأخوة والأخوات،

          ولأن الخطر الثالث أو الاجتهاد الثالث كمثيليه الأول  والثاني يستند إلى حل المعضلة الإسرائيلية الناجمة عن سعي  إسرائيل للتوسع على حساب الشعب الفلسطيني والأردن  معاً، فقد وجد الأردن نفسه في وضع خاص ومتميز عن  سائر الدول العربية الأخرى في علاقته بالقضية  الفلسطينية. صحيح ان لبنان وسوريا والأردن ومصر  تشترك في الجوار الجغرافي لإسرائيل، ولكن الأردن من  بينها جميعاً، هو الهدف الأول لمخطط إسرائيل المرحلي. فالعلاقة المتميزة التي نتحدث عنها بين الأردن وفلسطين إذن، لا نتحدث عنها من قبيل التغني أو المفاخرة بها، بل  بقصد التنبيه إلى واقع وظروف موضوعية يحاول العدو استغلالها لتنفيذ مخططه التوسعي على حساب الشعبين

<9>