إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

       



( تابع ) خطاب الملك حسين إلى الشعب حول القضايا السياسية الراهنة
المصدر: " الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1970، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت مج 6، ص 696 - 699 "

          وقد عكست مواقف سلبية جديدة على هذه التنظيمات بصورة جذرية حتى أصبح الأمر يدعو إلى العمل الفوري لاقامة ترتيب ينظم الوجود العسكري بيننا وبين القوات المسلحة العربية الشقيقة على ارضنا، وخصوصا القوات العسكرية العراقية العزيزة خدمة للجهد العربي العسكري العام، وهذا ما نحن ماضون في بحثه مؤملين النجاح والتوفيق.
          ايها الشعب العزيز،
          ان نظرتنا الى وجوب التعاون والتماسك والانسجام بين جهودنا وجهود اشقائنا، وتوثيق عملنا المشترك وتنظيماتنا في جبهتنا هذه التي تشكل الموقع الرئيسي ضد العدوان الإسرائيلي لتزداد صفاء وتحديدا بالنسبة لحركة المقاومة الفلسطينية التي اتخذت ميدانها الرئيسي بحق في صفوفنا ومن شعبنا ومنطلقاتنا، ونمت بحمايتنا ورضانا وبما افسحناه لها على ارضنا في مدننا وقرانا وبيوتنا وخلف قواتنا المسلحة، فالمقاومة الشريفة تمثل حقيقة الارادة الوطنية الكامنة في شعبنا والنزاعة الى الكرامة والحق والتحرير.

          وشهد الله ان هذه المقاومة التي ترعرعت ونمت وازدهرت في رحابنا وبذلنا معها ومن اجلها كل غال ورخيص، قد تجسدت في نفوسنا وضمائرنا عاطفة نقية وفكرة وقادة. وحرصنا على بقائها واستمرارها حرصنا على انفسنا، وغرنا على رد العواصف عنها من الخارج والاندفاعات الحادة من الداخل مهما كانت أسبابها، واردنا لحركتها ان تظل سليمة قوية مطردة ونظل معها نرعاها بجناح الرضى وموفور الدعم.

          واننا لنأسف ونأسى حين نقرأ في صحائفها ونشاهد من بعض مظاهرها ما يشير الى ان هذه الحركة تتوهم الصدام مع سلطة الدولة وبالتالي تتهيأ لمقابلة هذا الصدام الموهوم، فاذا تحركت قواتنا المسلحة لأي سبب حول العاصمة او عند المدينة او القرية، صورت المقاومة لنفسها وللناس أن هذا التحرك يستهدفها، كأنه ليس من حق الجيش ان يتحرك عند بلدته وفي جوار اهله وهو جيش الشعب ودرع الوطن وأمل الامة المكين وصاحب الحق المطلق في التحرك على كل أرضنا.

          وكثيرا ما تطالعنا صحف المقاومة ونشراتها بالاتهام والشكوك والحملات والتعريض، فنؤثر ان لا نرد عليها ايمانا منا بأن سهمنا ان صابها فانما يصيب قوة نريدها نضالية نامية ومنا ولنا.

          ولو لم نكن مسوقين بهذا الاعتبار لما رضينا للدولة ان تمس، وللحكومة ان تجرح، وللجيش أن يعاب، وللشعب ان يرهب، فنحن في ما ضحينا ونضحي وفي ما عملنا ونعمل، انما نحيا بالضمائر الحية والرؤوس المرفوعة. لا نبتغي اعترافا من أحد لاننا ندافع عن وطننا وحقنا وشعبنا. ولكنا لا نقبل مسا وتجريحا من أحد ولا مزايدة ما تلبث ان تناقص امامنا في سباق الخدمة الوطنية والعمل القومي.

          وفوق هذا فنحن اشد ما نحرص على سلامة الموقف من أن يضعف لا سمح الله، وعلى الوحدة الوطنية من ان تتصدع، وعلى هذه الاخوة في الوطن وفي الشعب وفي الكيان من ان تتعرض للضعف والاختلال. وامام هذا الحرص لا بد من اليقظة، ولا بد من مناشدة الجميع وبخاصة القياديين الذين يتحملون المسؤولية اولا واخيرا ان يتقوا الله في كل عمل وفي كل قول، وان يتبصروا في عواقب ما يعملون وما يقولون.
          ايها الشعب الكريم،
          ايها العرب في كل مكان،
          ان المرحلة التي نمر فيها هي من الدقة والاهمية والخطورة بحيث تتطلب من الوعي العربي العام أن يكون في اعلى واكمل درجاته، فاذا تباين الاجتهاد بين البعض منا، والبعض الاخر في كيف نواجه العدو المحتل، وكيف نستخلص حقنا من براثن العدوان، فلنذكر على الدوام ان كل جهد جائز، ولكن شيئا واحدا لا يجوز هو ان يتبعثر جهدنا ويتحول من مواجهة العدو الى مواجهات جانبية بين صفوفنا. وعار على العرب ان يجابه بعضهم البعض فيما يهدد الخطر مصيرهم وكل تطلعاتهم، ولعله من حقنا ان نتوقع دعمهم المطلق لجهدنا المشترك ولمصلحتهم اولا وأخيرا. ومن جهة أخرى، وبخاصة في هذه الظروف الدقيقة، نؤكد اننا سننظر الى اية محاولة لنسف قلعة صمودنا هذه او وحدتنا الوطنية بما يمليه الواجب علينا لوضع الامور في نصابها اداء منا لواجبنا الذي اضطلعنا به منذ تحملنا المسؤولية في بلدنا.

          وفقنا الله جميعا وثبت قلوبنا على الايمان، وهدانا سواء السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


<3>