إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

          كذلك فأننا نؤمن بأن سيادة الأمم المتحدة معناها سيادة المبادئ وغلبة القانون والعدل على أحلام الغزو والسيطرة.

          بل أننا نؤمن أن جو السلام القائم على العدل هو خير جو يستطيع وطننا فيه أن يباشر تطوره وأن يفتح الطريق أمام آماله في تغيير أوضاعه وإعادة صنع مجتمعه على أساس جديد.

          وأنكم تعلمون أن تيارا ثورياً وطنياً يجتاح الآن بلادنا، بل أننا نقول أن وطننا، الجمهورية العربية المتحدة، تعيش الآن ثلاث ثورات في وقت واحد، ثورة سياسية عبرت عن نفسها بمقاومة الاستعمار في جميع مراحله منذ كان سافراً على شكل قوات احتلال حتى تستر وراء الأحلاف العسكرية التي لم نرى فيها غير محاولة لإخضاعنا لسياسة مناطق النفوذ.

          ثورة اجتماعية عبرت عن نفسها بمقاومة الإقطاع والاحتكار وبالعمل المتفاني من أجل زيادة الإنتاج رفعاً لمستوى المعيشة وتمكيناً لتكافؤ الفرص بين المواطنين تحقيقاً للعدل الاجتماعي.

          ولقد كانت خطة مضاعفة الدخل القومي في عشر سنوات التي بدأ تنفيذها هذا العام، في إقليمي الجمهورية العربية المتحدة، هي صورة هذا العمل المتفاني والرمز الواضح لتصميم شعبنا على بناء وطنه.

          ثم ثورة عربية عبرت عن نفسها بمقاومة الفرقة المصطنعة والحواجز المادية والمعنوية التي وضعها الذين أرادوا أن يحكموا وطننا بالفكرة الميكيافيلية المشهورة فرق تسد.

          وأننا لنعلن أننا نؤمن بأمة عربية واحدة لقد كانت للأمة العربية دائما وحدة اللغة، ووحدة اللغة هي وحدة الفكر، وكانت للأمة العربية دائما وحدة التاريخ، ووحدة التاريخ هي وحدة الضمير.. ولسنا نرى أساسا قوميا أمكن من هذا الأساس ولا أثبت. وليس مجرد صدفة أن جميع الدول العربية التي حصلت على استقلالها، لم تلبث في دساتيرنا بعد الاستقلال أن نصت على أن شعوبها أنما هي جزء من الأمة العربية.

          كذلك ليس مجرد عاطفة أن الشعوب العربية تؤمن مخلصة أن كل عدوان على شعب منها هو عدوان عليها كلها. وأنه ما من أزمة امتحنت بها الأمة العربية إلا وكانت صفاً واحداً أمام امتحان الحوادث بل أن قيام الجمهورية العربية المتحدة لهو الرمز الأكبر لإيمان الشعوب العربية بعقيدة القومية العربية والوحدة العربية.

          على أننا نقول أمامكم أيضاً، أننا نؤمن بأن التطور الواعي القائم على الدعوة السلمية والمستند على ضرب المثل عن طريق العمل الإيجابي الخلاق هو طريقنا إلى هذه الوحدة التي نؤمن بها.

          وإذا كنتم تسمعون من أصداء الحوادث في منطقتنا ما كان موضع التساؤل في كثير من الأحيان، فإننا نسمح لأنفسنا أن نقول أمامكم أن هذا الصوت لا يصدر عن التيار المتدفق للقومية العربية وانما يصدر عن الذين يقاومون هذا التيار أو يحاولون تغيير مجراه.

          انه صوت الحواجز المصطنعة وهي تتمزق وهو صوت الحدود الموهومة التي وضعها الاستعمار وهي تطوى وترفع، وهو صوت بقايا الرجعية والإقطاع والاستغلال تحاول بفلولها المهزومة أن تمنع التطور الحتمي.

<15>