إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

          إذا كانت الحرية بسلاحها وأصدقائها قادرة على الدفاع عن نفسها ضد العدوان المسلح، كما حدث في السويس، فان للحرية فكرها ووعيها، وأنها لتقدر على أن تكشف وجه الاستعمار من وراء الأقنعة التي يتستر بها ويتواري وراءها.

          على أن الخطر الأكبر الذي واجه شعب الكونجو وواجهناه معه، هو أن الاستعمار يحاول اليوم أن يتخذ من الأمم المتحدة أحد أقنعته.

          هكذا وجدنا للمحاولة الاستعمارية في الكونجو ضحيتين، شعب الكونجو والأمم المتحدة. ومن أجلهما الآن وما يواجهان من خطر، نناشد الذين يؤمنون بالحرية وبالأمم المتحدة طريقا إلى تقرير المجتمع الإنساني، أن يقفوا صفاً واحداً للدفاع عنهما معاً.

          ولقد ذهبت الأمم المتحدة إلى الكونجو بدعوة من حكومة الكونجو الشرعية، وليدة يوم الاستقلال وثمرته، لتحقق هدفين:

          أولهما حماية استقلال الكونجو. وثانيهما صيانة وحدته الوطنية. وكانت حماية الاستقلال تستهدف إجلاء جنود الاستعمار. وكانت صيانة الوحدة الوطنية تستهدف إزالة الحواجز الصناعية التي حاول الاستعمار بواسطة أعوانه أن يمزق بها الوطن الواحد ويفرقه.

ونسأل أنفسنا الآن، ماذ حدث؟. نسأل: أين هو الاستقلال في الكونجو؟ والجواب أن الاستعمار بجنوده وسلاحه مازال في أجزاء من الكونجو.

          ونسأل، وأين هي الوحدة الوطنية؟ والجواب، انه من المفارقات المروعة أن حكومة الكونجو الشرعية الوطنية تواجه المصاعب، بينما جماعة التمرد التي يحركها الاستعمار هي وحدها المستقرة في كاتنجا. وانه لتدهور في الموقف خطير. ولكن الخطر الأكبر أن ذلك كله حدث وعلم الأمم المتحدة يرفرف فوق الكونجو.

          كيف حدث ذلك، ومن المسؤول عنه، تلك أسئلة من حقنا هنا، بل من واجبنا أن نجد الإجابة عنها، لا من أجل شعب الكونجو وحده، وإنما أيضا من أجل الأمم المتحدة ومن أجل شرف عملها.

          ولسوف يتبقى بعد ذلك كله سؤال، كيف نواجه الموقف؟ والجواب في رأي الجمهورية العربية المتحدة، أنه لابد أن تعود الأمور سيرتها الأولى. أن تصحيح الخطأ يقتضي الرجوع إلى ما قبل نقطة بدايته. وإذا مادام في تصور أي منا أن طريق الرجوع صعب المنال وأن الأمر الواقع كما هو الآن، يصلح ليكون أساساً لإصلاح الموقف، فأني أسمح لنفسي من تجربتنا الخاصة ومن آلام منطقتنا من العالم، أن أرفع صوتي للتنبيه والتحذير أن السكوت على خطأ سوف يؤدي إلى سلسلة من الأخطاء. وأن بذور المشاكل وإن بدت صغيرة لو تركت في

<4>