إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الأمة

        واتصلت إسرائيل به أخيرا، ولكنها في رأينا عادت إلى سيرتها. كانت أوراقها إليه تكرارا لمواقفها السابقة التي تعكس تربصها لكل أمل في سلام تدعيه ظاهرا ولا تريده باطناً.

        فهي في الحقيقة لا تريد عن التوسع بديلا، تنكره بالكلمة وتمارسه بالفعل. ولعلنا لم ننس بعد - أيها الإخوة- إعلان إسرائيل رسميا ضم سيناء إلى أراضيها في أكتوبر سنة 1956، وحين ظنت بالعدوان الثلاثي أن الفرصة قد واتتها ودانت لها. ثم بدأنا نسمع طلب مد العمل بوقف إطلاق النار، لأن فسحة الوقت غير كافية. في مواجهة ذلك فإننا كنا على اتصال بالجميع، نشرح لهم وجهة نظرنا.

        جاء إلى القاهرة- كما تذكرون- الرئيس السوفيتي نيقولاي بودجورني، وفي صحبته وفد ممتاز. وتدارسنا معهم في الموقف بجميع تطوراته واحتمالاته. ولعلي أقول أمامكم إنني رغبة في تحريك الأمور، وتقدموا للمسئوليات التاريخية للفترة التي نعيشها. بعثت برسالة إلى الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وتلقيت منه ردا على رسالتي.

        ويؤسفني أن أقرر أمام حضراتكم أن الموقف الأمريكي على ما هو عليه من انحياز كامل لإسرائيل.

        لقد طلبت في رسالتي الإجابة على سؤال محدد: ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية؟

        ولم أتلق إجابة على هذا السؤال، ولا يحتمل أن تأتيني إجابة على هذا السؤال.

        في نفس الوقت، فإنه حين كتب وزير الخارجية الأمريكي خطابا إلى زميله المصري، فإنني شجعت استمرار المراسلات بينهما، قصد الوصول إلى أكبر قصد من الفهم والوضوح. وكنا شديدي الإلحاح على دعوة الدول الأربع الكبرى إلى مهمتها ومسئوليتها عن حفظ السلام، باعتبار عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، وباعتبار مكانتها الدولية، وباعتبار اهتمامها المباشر بأطراف الأزمة وكان تعاوننا غير محدود أو مشروط مع السكرتير العام للأمم المتحدة، ومع ممثله الخاص المكلف بمتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن. ثم وصلنا هذا الأسبوع إلى مفترق طرق. من ناحية، فإن العدو يواصل احتلاله لأراضينا، ويحاول تثبيت هذا الاحتلال بتغيير طبيعة الأرض، خصوصا في القدس والضفة الغربية والمستعمرات التي يقيمها في المرتفعات السورية وفي صحراء سيناء المصرية. ومن ناحية ثانية، فإننا لا نستطيع الوقوف ساكنين أمام هذا الذي يجري، وواجبنا المقدس الذي لا يمكن أن ينكره علينا أحد، هو واجب تحرير الأرض والعودة إلى الاشتباك مع العدو. ومن ناحية ثالثة، فإن الاتصالات في الأمم المتحدة لا تحقق نتيجة نعتبرها مرضية حتى الآن، لأن العدو مستمر في عناده وتحديه، ليس فقط لنا، ولكن للمجتمع الدولي كله ولمبادئ القانون الدولي من أول حرف فيها إلى الحرف الأخير. ومن ناحية رابعة، فإن أطراف عديدين يحاولون معنا بكل الوسائل أن نمد في وقف إطلاق النار ولو لأسابيع محدودة.

أيها الإخوة

<5>