ولا بد هنا من الإشارة إلى الطاقات الواسعة غير المستغلة والإمكانات الضخمة المتاحة لوطننا العربي في العديد من المجالات التي يجب أن تكرس لها كل اهتمامنا ونعمل على توظيفها واستغلالها بالشكل الأمثل بما هو في صالح أمتنا.

          أن العالم اليوم يعيش طفرة تكنولوجية هائلة ساهمت في زيادة تدويل الإنتاج والتمويل، وخلقت قوة جديدة تدعم وتعزز من تكامل الاقتصاد العالمي والاعتماد المتبادل بين دوله. أننا نعيش اليوم في عالم التكتلات الاقتصادية القومية، ولن نقبل أن تبقي أمتنا بمنأى عن هذه التطورات، أو أن تكون الظروف الصعبة الراهنة سببا في تهميشها على الصعيد الدولي. فإن التكامل الاقتصادي العربي أصبح اليوم ضرورة تحتمها الظروف الدولية والواقع العربي الذي يجب أن نسعى إلى تحقيقه، وليس مجرد أمل نصبو إليه وننادي به كلما اعترت أمتنا مشكلة صعبة.

          كما لا يفوتني أن أشير في هذا المقام إلى الجهد المتواصل التي تبذله العديد من دولنا لتطبيق سياسات الإصلاح الهيكلي وتصحيح مسار اقتصادياتها بما يؤدى إلى الإسراع بخطى النمو والتنمية ومواكبتها لتطورات الاقتصاد الدولي، وهو الأمر الذي يتطلب منا تقديم كل ما من شأنه توفير الدعم والمساعدة لتلك الدول للنهوض باقتصادياتها والارتقاء بمستويات معيشة شعوبها.

          لقد جاء توافق الآراء بين السادة وزراء الاقتصاد والمالية في الدورة الـ 49 المستأنفة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بتحديد سياسات الإصلاح الاقتصادي إلى جانب كل من التكامل الاقتصادي العربي والأمن المائي باعتبارها من بين المحاور الرئيسية لعملنا الاقتصادي خلال الحقبة القادمة، تعزيزا وتأكيدا لهذا الاتجاه.

          وبالنسبة للأمن المائي العربي، فلا بد أولا أن نحيى الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى على الإنجاز الضخم الذي تحقق بمشروع النهر الصناعي العظيم، والذي أتاح توفير موارد مائية إضافية للتنمية في ليبيا. وثانيا أود أن أدعو من فوق هذا المنبر إلى مؤتمر عربي للمياه يعقد فورا في إطار الجامعة العربية ، ويضم أساسا الدول المعنية بهذه المشكلة وذلك بغية تدارس هذا الموضوع الحيوي وتحديد الاستراتيجية المستقبلية بشأنه.

<10>