إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني




مفاعل بوشهر النووي
المفاعلات النووية من الفضاء


المفاعلات النووية الإيرانية



أزمة تخصيب الوقود النووي الإيراني

مقدمة

يمثل البرنامج النووي الإيراني لغزاً كبيراً، وورقة سياسية تستغلها أطراف إقليمية وعالمية للتلاعب بأنظمة المنطقة وشعوبها، ورسم إستراتيجيات وإثارة أزمات لزعزعة استقرار الشرق الأوسط، ووضع العالم العربي عامة ـ ومنطقة الخليج العربي خاصة ـ في توترات شبه دائمة، تحقق من خلالها هذه القوى العالمية والإقليمية مصالح ذاتية على حساب شعوب المنطقة نفسها.

لقد مرت إيران منذ بداية التفكير في امتلاك برنامج نووي، وبدأ مع بداية عقد الستينيات من القرن العشرين، بأربع مراحل متصادمة أثرت على مسيرة برنامجها النووي ذاته، وأدت إلى أزمات إقليمية وعالمية في كل مرحلة منها، وانعكست آثار تلك الأزمات على علاقات إيران بالعالم الخارجي، وهذه المراحل هي:

1. مرحلة التحالف مع الغرب

إبان عهد الشاه "محمد رضا بهلوي"، وفيه وصلت إيران إلى مستوى عال من الثقة المتبادلة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، التي أفاضت عليها بنظم تسليح وتكنولوجيا متقدمة، بما في ذلك التوجه لبناء برنامج نووي إيراني مرتبط بالتكنولوجيا الغربية.

2. مرحلة التحول الأيديولوجي إلى النظام الإسلامي

بدءاً من عام 1979، تصادم مع الغرب، فأوقف البرنامج النووي، وفى الوقت نفسه تصادم مع النظام العراقي، واشتعلت حرب قوامها ثماني سنوات، اكتشفت خلالها إيران القدرة المتنامية العراقية خاصة في مجال الأسلحة فوق التقليدية، وفى مقدمتها البرنامج النووي العراقي.

وعندما توقفت الحرب، بإعلان المرشد العام للثورة الإمام الخميني قبول قرار مجلس الأمن الرقم 598 بإيقاف إطلاق النيران، في 8 أغسطس 1988، فإن خطابه للشعب الإيراني تضمن ضرورة بناء نظم تسليح قوية لتحقيق الأمن الوطني الإيراني، وأشار في ذلك إلى البرنامج النووي الذي طالب قائد الحرس الوطني وقتها ضرورة تفعيله لكسب الحرب القادمة مع العراق.

3. مرحلة التحول الإصلاحي

خلال عقد التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، بدأت التهدئة من أجل استعادة القدرة الإيرانية، وتخفيف حدة التوتر مع الغرب وامتازت هذه المرحلة، بمواصلة تطوير البرنامج النووي الإيراني في سرية تامة.

4. مرحلة التيار المتشدد

لما صعد الرئيس "محمود أحمدي نجاد" إلى سدة الحكم، في العام 2005، ثم تجددت رئاسته العام 2009، أشهر عداءه للغرب، وتمادى في تهديداته للمنطقة، ففتح بذلك مجالاً واسعاً لأن تكون إيران مستهدفة من النظام العالمي الجديد، وكان برنامجها النووي على رأس الذرائع التي يبني عليه الغرب أساليب حصاره لإيران.

إن الحقائق على أرض الواقع تشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني، ليس هو المطلب الشعبي الأول في إيران، على الرغم مما يروج لذلك النظام الإيراني، فهذا البرنامج لم يجمع عليه الشعب الإيراني بكامل فئاته، لا سيما فئات الشباب الذين يرون في الاستمرار في هذا البرنامج عقبة أمام الانفتاح على العالم الخارجي، وتقييد حريتهم في الاتصال مع شعوب العالم في عصر العولمة.

صحيح أن الإيرانيين يبدون سعادتهم عندما تعلن الحكومة عن أي تقدم في البرنامج النووي، ولكن هذا يجب ألا يؤخذ دليلاً على مشاركة الشعب الإيراني في وجهة نظر الحكومة، لأن معظم الشباب الإيراني لا يرون أن القضية النووية تمثل لإيران مسالة حيوية؛ لأنها لن تحل لهم المشكلات اليومية التي يعاني منها الشباب، وفي مقدمتها البطالة، والقيود على السفر للخارج، وعدم إشباع حاجة الجماهير، هذا إلى جانب القلق من أن هذا البرنامج قد يجر إيران إلى حرب جديدة. حيث مازالت آثار الحرب العراقية ـ الإيرانية في الذاكرة.

في الوقت نفسه فإن مؤيدي البرنامج النووي بدعوى الفخر الوطني، أو تحقيق المجد للأمة الإيرانية ليس لديهم الخلفية الكافية عن البرنامج النووي من الناحية التقنية، ومن ثم ليس لديهم الإدراك، إلى أين هو ذاهب أو ما هو الهدف النهائي لهذا البرنامج.

قانونياً تستند إيران في برنامجها النووي إلى المادتين الأولى والثانية من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؛ ولذلك فهي دائبة الإعلان أن برنامجها النووي يسير في المجال السلمي، دون التوجه إلى صناعات نووية عسكرية، بينما تتشكك معظم القوى الكبرى في ذلك، وتشير إلى أن هدف إيران النهائي هو امتلاك أسلحة نووية، ويدللون على ذلك بإصرار إيران على الخداع والسرية فيما يخص هذا البرنامج وأنها أخفته عن وكالة الطاقة النووية على مدى 18 عاما كاملة. (اُنظر ملحق المعاهدات والاتفاقيات الدولية بحظر الانتشار النووي)

على الرغم من التشدد الإيراني، فإن واشنطن ـ بعد قدوم الرئيس "باراك أوباما" للحكم ـ توجهت إلى محاولة المصالحة مع طهران، وتهذيب موقفها تجاه النظام العالمي الجديد، وقد استغل الرئيس أوباما مناسبة عيد النيروز في إيران (20 مارس 2009)، لتوجيه رسالة إلى الشعب الإيراني، عرض فيها فتح صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية.

ونص خطاب أوباما على عدم التعرض لبرنامج نووي إيراني سلمي، إذا ما تخلت إيران عن سياستها العدائية تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل، كما عرض التفاهم المباشر بين أمريكا وإيران، ليس فقط في مجال برنامج إيران النووي، ولكن في كل الملفات الشائكة، في حالة استجابة إيران لمطالب وكالة الطاقة الذرية العالمية.

وقابلت إيران موقف الولايات المتحدة بموقف مضاد تماما، نتيجة حسابات إيرانية ذاتية بامتلاك القوة، وحرية الحركة على مستوى المنطقة والعالم، وتقديرها أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتورط في حرب جديدة في المنطقة، هذا إلى جانب تخطيط إيراني إستراتيجي لوضع منطقة الخليج العربي والعراق رهينة، توجه إليها آلاتها العسكرية في حالة عدوان أمريكي ـ إسرائيلي عليها كذلك نجاحها في إقامة تحالفات مع بعض النظم والمنظمات العربية التي تشكل نطاقاً أمنياً حول إسرائيل.