إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

الإمام سعود بن عبدالعزيز
( الكبير)
(1161-1229هـ)

         هو سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريدي من بني حنيفة، من قبائل بكر من وائل.

         كانت ولادته في الدرعية سنة 1161هـ

. كان جده محمد بن سعود بن محمد بن مقرن هو أمير الدرعية حينها، وكان والده في السادسة والثلاثين من العمر. والدته إحدى بنات عثمان معمر، وليست ابنة للشيخ محمد بن عبدالوهاب، كما توهم بعض المؤرخين. والواقع أن والده الإمام عبدالعزيز تزوج ثلاث زيجات:

         ابنة عثمان بن معمر وهي أم الأمام سعود، وابنة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وابنة زامل بن فارس صاحب منفوحة، ولم تذكر المصادر التاريخية إن كانت أنجبت منه أبناء أم لا. وله من الأخوة ثلاثة، وهم :عمر، وعبدالله، وعبدالرحمن

. ويورد الشيخ الجاسر نصاً للطف الله الصحًّاف يذكر فيه أن من أبناء عبدالعزيز محمد وهو أخ شقيق لسعود

.

         نشأ في كنف والده، في بيت علم، ودين، وإمارة، وحكم. عاصر الشيخ محمد بن عبدالوهاب بالدرعية، وتلقى العلم عنه، أقام مدة سنتين يقرأ عليه، ولازم مجالس الدروس عنده، له معرفة تامة بالتفسير، والحديث، والفقه. اشتهر بالنباهة، والذكاء، وسرعة الحفظ، وحضور البديهة، والابتكار، كانت الدرعية، في شبابه، تزخر بالعلماء والفقهاء وطلبة العلم؛ مما زاده علماً وأدباً وفصاحة.

         كان عمره ثمان وثلاثين سنة، حين توفي الإمام محمد بن سعود، وبويع لوالده بالإمامة. وقد أتاح له ذلك، باعتباره الابن الأكبر، ولما تميز به من علم، وجرأة، ونباهة، فرصة المشاركة في أمور الحكم والدولة. كان يقود الجيوش في عهد والده وعرف عنه أنه لم تهزم له راية. وكان في ولايته يعقد الرايات، ويجوب بجيوشه أرجاء شبه الجزيرة. استتب الأمن في عهده بشكل لم تشهده بلاد العرب، منذ أيام الخلافة الراشدة. كان صادقاً في الحق لا يحب الكذب؛ لذلك خافه القريب والبعيد.

         بويع له بولاية العهد، في عهد والده الإمام عبدالعزيز سنة 1202هـ، وسنه حينذاك إحدى وأربعون سنة. وذلك أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، لما رأى توسع الدولة الكبير، وتباعد أطرافها، خشي من تفرق الناس بعد أن جمع الله الكلمة ووحد الصف، فأشار على الإمام عبدالعزيز بأخذ البيعة لابنه سعود. وكان الإمام قد خَبَر ابنه سعود وعرفه ورأى منه من علامات النجابة والقيادة والعلم، ما يطمئن إليه فدعا الناس لبيعته ولياً لعهده وإماماً للمسلمين من بعده. ولم يلبث الشيخ محمد بن عبدالوهاب بعدها طويلاً، إذ توفي، يرحمه الله، سنة 1208هـ. إذ أنه لما علم بخبر مقتل والده، وكان في نخل له بمشيرفة في الدرعية، قدم مسرعاً إلى مسجد الطريف فخطب الناس، ووعظهم وعزاهم بوفاة الإمام فبايعه الخاص والعام. ثم أرسل إلى أمراء البلاد بأن لا يقدموا إليه وأن يأخذ كل منهم البيعة لسعود ممن عنده. فبويع له بالإمامة، وهو ابن سبع وخمسين سنة.

كان يرحمه الله، طويل القامة، وسيماً مهيباً، جهوري الصوت، عذب الألفاظ والنبرات. له لحية طويلة وشارب كثيف

. كان بليغاً فصيحاً، جمع بين أدب العلماء ودهاء الساسة. كانت مواعظه تأخذ بالألباب. وكان كثيراً ما يكتب إلى ولاته على الأقاليم المواعظ والتوجيهات. حارب الربا والتطفيف في الموازين.

         استحدث أشياء كثيرة في نظام الحكم والجيش، منها:

  1. كان عالماً، مدركاً لأهمية العلم لتقدم البلاد وحفظ وحدتها. فسعى إلى نشر العلم، واستحدث أسلوب إلزامية التعليم. فقد فرض على أمير كل بلد أن يخص من أهل بلده حوالي خمسة عشر طالباً ويلزمهم بالانصراف لطلب العلم، وأن يبعث بأسمائهم إليه وصرف لهم من بيت المال مكافأة تعينهم على أمور معيشتهم، مساعدة لهم على التفرغ لطلب العلم. فازدهرت الحركة العلمية في أرجاء البلاد كلها.
  2. نظراً لتوسع البلاد وصعوبة الاتصال بين أطرافها، فقد أعطى لأمير كل بلد حرية في إدارة شؤون بلدته وما حولها، وجعله مسئولاً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن ما يجري في ناحيته، وألزمه بالتعاون مع من يجاوره من الأمراء. ثم فتح بابه لجميع الناس، فإذا قصر أحد أمرائه، في شيء من أمور الشرع، أدَّبه.
  3. استمر على نفس طريقة والده الإمام عبدالعزيز في الشورى فلم يكن يعتد برأيه، بل كان يستشير من حوله من العلماء والفقهاء في كثير من أمور الدولة، فكان يستشير رؤساء البوادي أولاًِ، فإذا خرجوا من عنده، أخذ رأي الخواص من أهل الدرعية، فإذا خرجوا من عنده استشار أبناء الشيخ وأهل العلم

.
  • ظل يجمع الجيوش بنفس الطريقة التي كانت سائدة في عهد والده؛ إلا أنه استخدم فرقة تشبه فرقة الصاعقة في الجيوش الحديثة اليوم. حيث اختار لها من كل قوم من اشتهر بالفروسية والشجاعة، فبلغ عددهم ثلاثمائة فارس وزودهم من خيله بأحسنها. وكانت هذه الفرقة تدعى (المنجية) وكانوا يغزون معه في غزواته

    .
  • كان يستخدم عنصر المفاجأة والتورية في غزواته، فإذا أراد الغزو شمالاً، أظهر أن وجهته للجنوب

    ، وهو أسلوب اتبعه رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض غزواته. لدرجة أنه سار إلى دمشق مدة خمسة وثلاثين يوماً، ولم يعلم والي دمشق إلا وهو على أبوابها.
  • ابتكر أساليب في الحرب النفسية وإرهاب العدو. وله في ذلك عدة أساليب منها أنه إذا أراد الهجوم على قوم، وكان يهجم دائماً بعد الفجر، أمر كل فرقة أن يشعلوا نيرانهم، ثم أمر الجيش أن يطلقوا نيران بنادقهم في وقت واحد. فتثير الأدخنة الكثيرة والجلبة ودوىّ إطلاق الرصاص فيثير الخوف والهلع في قلوب الأعداء، فيفر منهم من يفر ويستسلم الباقون.
  • كانت مغازيه كلها بهدف سام ونبيل وهو نشر دعوة الإصلاح. وكان يأمر جيشه بأن يحملوا معهم الفؤوس والفواريع استعداداً لتحطيم القباب والأضرحة ومظاهر الوثنية.
  • وفاته

             توفي الامام سعود بن عبدالعزيز ليلة الاثنين الحادي عشر من جمادي الأولى سنة تسع وعشرين ومائتين وألف للهجرة. وكانت ولايته عشر سنين وتسعة أشهر وأياماً

    . وبويع من بعده بالإمامة لابنه عبدالله. وقد لُقب بعد وفاته بالكبير، لعظم أعماله واتساع حكمه وهيبته  فاستحق هذا اللقب.

    أبناؤه

             كان له من الأبناء إثنا عشر ولداً هم عبدالله الذي خلفه في الإمامة، وإبراهيم، وفيصل ، وناصر، وتركي، وسعد، وفهد، ومشاري، وعبدالرحمن، وعمر، وحسن، وخالد. ومما يذكر أن أبناءه تركي، وناصر وسعد هم الذين غزوا عُمان، واستولوا على مطرح دون مشورته، فغضب عليهم وقاطعهم.

             ويذكر الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف أل الشيخ محقق (عنوان المجد في تاريخ نجد) لابن بشر، في حاشيته "أن ذرية الإمام سعود، رحمه الله قد انقطعت سنة 1265هـ

    ."